الطموح لرئاسة اليونسكو يضع وزيرا مصريا بين غضبين
فاروق حسني (أرشيف)
محمود جمعة–القاهرة
خرج وزير الثقافة المصري فاروق حسني من حملة إسرائيلية تتهمه بالعنصرية إلى حملة مصرية تتهمه "بإهانة الشعب وإثارة مشاعره والتنازل والتسليم" لإسرائيل.
فقد انتقد سياسيون ومثقفون وفنانون مصريون إعلان حسني في حوار مع صحيفة يديعوت أحرونوت استعداده لزيارة إسرائيل قصد ثنيها عن معارضة تبديها لترشيحه لرئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) واعتبروا ذلك "تنازلا" جديدا "وتسليما" لإسرائيل.
فهذا المنصب مهما كانت أهميته –حسب منتقدي حسني- لا يعلو فوق "مبادئ الشعب المصري" التي يرون أن الوزير ضرب بها عرض الحائط عندما دفعته حملة تل أبيب ضده إلى التراجع عن تصريح سابق قال فيه إنه سيحرق الكتب الإسرائيلية لو وجدها في المكتبات المصرية.
فدرءا لتهمة "العنصرية" وتخفيفا لضغط إسرائيلي يطالب المجتمع الدولي بعدم دعم تولي حسني رئاسة اليونسكو بوصفه "يرفض التطبيع الثقافي مع إسرائيل" قال المسؤول المصري إنه لم يكن يقصد المعنى الحرفي للجملة المنقولة عنه، وإنه مستعد لزيارة إسرائيل لتوضيح مقصده الحقيقي.
مؤمن زعرور: تصريحات الوزير "إهانة" للشعب المصري (الجزيرة نت)
المبادئ قبل المناصب
النائب البرلماني من حركة الإخوان المسلمين وعضو لجنة الإعلام والثقافة والسياحة بمجلس الشعب مؤمن زعرور ذهب إلى حد وصف ما قام به وزير الثقافة بأنه "استعطاف للصهاينة للحصول على منصب".
ولم يقف زعرور عند ذلك، بل ساوى بين تصريحات حسني وبيع مصر الغاز الطبيعي لتل أبيب، وقال للجزيرة نت "إن المصريين يرفضون منصبا دوليا يأتي بمباركة صهيونية، كما يرفضون بيع الغاز لإسرائيل ولو بأضعاف سعره العالمي".
بل إن تصريحات وزير الثقافة بالنسبة لزعرور ترقى إلى مستوى يجعلها شيئا لا يصح بعده أن يبقى حسني في منصبه الحكومي.
الموقف نفسه يشاطره المنسق العام لحركة كفاية المعارضة وصاحب موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية د. عبد الوهاب المسيري، حيث قال "لا نريد أي منصب دولي ما دام الشرط الأساسي للحصول عليه هو زيارة إسرائيل أو الاعتراف بها والحصول على مباركتها" معتبرا أن "الثوابت أهم من المناصب".
وحول ما إذا كانت تصريحات الوزير "مناورة لإحراج إسرائيل" قال المسيري "هذه ثوابت لا نقاش فيها، فإسرائيل تريد الاستسلام الكامل من العرب لمواقفها، ولن تنفع معها المناورات".
وإعلان حسني استعداده زيارة إسرائيل هو في نظر المسيري تطبيع مع شيء ليس طبيعيا "ويرفضه كل المثقفين الشرفاء لأن إسرائيل دولة احتلال".
أمر مضحك
أما الفنان المصري محمد صبحي فقلل من أهمية تصريحات الوزير، وتساءل "ما المشكلة أن يذهب لتل أبيب؟" معتبرا أن كل مؤسسات الدولة مطبعة مع إسرائيل، وأن ذهابه هناك سواء بصفته وزيرا مصريا أو رئيسا لليونسكو "لن يغير من موقف الشعب ومثقفيه وشرفائه بعدم التطبيع مع هذه الدولة المعادية".
فالحديث عن مقاطعة إسرائيل حسب تصريح صبحي للجزيرة نت "أصبح أمرا مضحكا" بسبب ما يجري يوميا في تطورات الصراع الفلسطيني الفلسطيني وما يسجل من "تراجع عربي مخز".
الكاتب السينمائي أسامة أنور عكاشة يرى من جهته أن تصريحات الوزير لن تكون نتيجتها إلا كسابقاتها من محاولات التطبيع الثقافي التي فشلت "لأن هناك موقفا يوحد المثقفين والفنانين المصريين ونقاباتهم" بهذا الشأن، مشيرا إلى وجود مركز ثقافي إسرائيلي بالقاهرة لا يرتاده إلا قلة محدودة من المواطنين.
وخلص عكاشة إلى أن "الدولة (المصرية) تتبنى سياسة التطبيع منذ توقيع اتفاقية السلام عام 1979 والوزير موظف في الدولة وملتزم بسياساتها، ويسعى لمنصب دولي" مضيفا "علينا أن نفهم كيف يفكر، ويعرف الجميع فى الوقت نفسه موقف الشعب الرافض للتطبيع".